إدارة الشئون الفنية
أحب الأعمال إلى الله تعالى

أحب الأعمال إلى الله تعالى

07 أغسطس 2020

خطبة الجمعة المذاعة والموزعة

بتاريخ 17 من ذي الحجة 1441هـ الموافق 7 / 8 / 2020م

أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلى اللهِ تَعالَى

إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ، ونَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ومِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، ومَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( [آل عمران:102].

عِبادَ اللهِ:

إِنَّ مِنْ فَضْلِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَيْنَا أَنْ أَمَدَّ فِي أَعْمَارِنَا؛ لِنُدْرِكَ طَاعَاتٍ مَا أَدْرَكَهَا مَنِ اخْتَرَمَتْهُمُ الْمَنَايَا قَبْلَنَا؛ وَنشْهَدَ أَيَّامًا فَضيلَةً، وَلياليَ جَليلَةً، نَتَقرَّبُ فِيها إِلَى اللهِ تَعَالى بِزِيادَةِ العَمَلِ وَمُضاعَفَةِ الأُجُورِ. وَمِنْ وَاجِبِ العَبْدِ بَعْدَ انْتِهاءِ مَواسِمَ بَارِزَةٍ لِلطَّاعَاتِ كَشَهْرِ رَمَضانَ وَعَشْرِ ذِي الحِجَّةِ أَنْ يُوَاظِبَ عَلَى طَاعَةِ خَالِقِهِ وَمَوْلاَهُ، وَلَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ r يَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى الثَّبَاتَ عَلَى الْعِبَادَةِ وَتَصْرِيفَ الْقَلْبِ عَلَى الطَّاعَةِ؛ فَعَنْ أَنَسٍ t قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ r يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» [أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ]. وقَدْ حَذَّرَ النَّبِيُّ r عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مِنْ أَنْ يَتْرُكَ قِيَامَ اللَّيْلِ بَعْدَ أَنِ اعْتَادَهُ فَقَالَ لَهُ: «يَا عَبْدَ اللهِ لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ» [أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ].

أَلَا وإِنَّ عِبَادَةَ اللهِ تَعَالَى لَيْسَتْ رَهِينَةَ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ أَوْ مَوْسِمٍ مِنَ الْمَوَاسِمِ، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الدَّوَامِ؛ إِذِ الْعَبْدُ مَأْمُورٌ أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ حَتَّى يَلْقَاهُ؛ كَمَا قَالَ جَلَّ فِي عُلاهُ: ) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ( [الحجر:99]. قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: «إِنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْ لِعَمَلِ الْمُؤْمِنِ أَجَلًا دُونَ الْمَوْتِ».

أيُّهَا المُسْلِمونَ:

إِنَّ مِنْ مَقاصِدِ دِينِنا الحَنِيفِ الاسْتمْرَارَ عَلَى العِبادَاتِ مَعَ الاقْتِصَادِ فِيهَا وَعَدَمِ الغُلُوِّ، حَتَّى لا تَمَلَّ النَّفْسُ وَتَسْأَمَ، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ نَبِيَّ اللهِ r قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ مَا دُوْوِمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَلَّ» وَكَانَ آلُ مُحَمَّدٍ r إِذَا عَمِلُوا عَمَلاً أَثْبَتُوهُ؛ [أَيْ لازَمُوهُ وَدَاوَمُوا عَلَيْهِ] [أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ].

                                                                       

وَهَكَذا كَانَتْ وَصَايَاهُ r لِأَصْحابِهِ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلاثٍ لاَ أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: «صَوْمِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ» [أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ].

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِهَدْيِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحيمُ.

الخطبة الثانية

الحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ، فَمَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَنَصَرَهُ وَكَفَاهُ.

أَيُّها المُؤْمِنُونَ:

إِذَا حُبِّبَ إِلَى الْمَرْءِ الاِسْتِقَامَةُ عَلَى الطَّاعاتِ، وَكُرِّهَ إِلَيْهِ ارْتِكَابُ الآثامِ وَالسَّيِّئاتِ: فَهُوَ الْمُوَفَّقُ التَّقِيُّ، وَمَنْ كَانَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ عَاكِفاً، وَعَنِ الطَّاعَةِ نَاكِفاً: فَهُوَ الْمَحْرُومُ الشَّقِيُّ؛ قَالَ تعالى: )قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ( [فصلت:6]. وَعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ t قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْ لِي فِي الإِسْلامِ قَوْلًا لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا غَيْرَكَ - أَوْ قَالَ: بَعْدَكَ - قَالَ: «قُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ، ثُمَّ اسْتَقِمْ» [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَاللَّفْظُ لَهُ].

فَاجْعَلُوا أَيَّامَكُمْ وَلَيَالِيَكُمْ كُلَّهَا كَأَيَّامِ العَشْرِ وَأَيَّامِ رَمَضانَ فِي تَعَلُّقِ القُلُوبِ بِاللهِ تَعَالَى ودُعَائِهِ وَكَثْرَةِ ذِكْرِهِ، وَالـمُحَافَظَةِ عَلَى الفَرَائِضِ وَإِتْبَاعِهَا بِالنَّوَافِلِ، ومُلَازَمَةِ القُرْآنِ الكَرِيمِ قِرَاءَةً وَتَدَبُّراً وعَمَلاً؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: )فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ( [هود:112].

وَلَا يَفُوتُنَا أَنْ نُذَكِّرَكُمْ -مَعاشِرَ الكِرَامِ- بِضَرُورَةِ مرَاعاةِ الضَّوابِطِ الشَّرْعيَّةِ، وَالأخْذِ بِالنَّصائِحِ وَالتَّوصياتِ الصِّحِّيَّةِ، مِنْ وُجوبِ الالتِزامِ بِالتَّباعُدِ، وَلُبْسِ الكِمامَةِ، وَتعْقيمِ الأَيْدِي، وَعدَمِ التَّزاحُمِ فِي المَساجِدِ وَكَذلِكَ الأَماكِنِ العَامَّةِ.

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا - حَفِظَكُمُ اللهُ – عَلَى خَاتَمِ الْمُرْسَلِينَ، وَسَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ أَجْمَعِينَ، كَمَا أَمَرَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: ) إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا( [الأحزاب:56]، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمِّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ أَجْمَعِينَ.

اللَّهُمَّ إِنّا نسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا البَلَاءَ وَالوَبَاءَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلمُسلمينَ وَالمُسلماتِ، وَالمُؤمِنينَ  وَالمُؤمناتِ، وَاشْفِ اللَّهُمَّ مَرْضَانا وَمَرْضَى المُسلمينَ، وارْحَمِ اللَّهُمَّ مَوتَانَا وَمَوتَاهُمْ بِرحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ، اللَّهمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا لِهُدَاكَ، وَاجَعَلْ أعْمَالَهُ فِي رِضَاكَ، وأَلْبِسْهُ ثَوبَ الصِّحَّةِ وَالعَافِيةِ، وَمُنَّ عَلَيهِ بِدَوامِ الشِّفَاءِ، وَرُدَّهُ بِتَمامِ الصِّحَّةِ وَكَمالِ العَافِيَةِ، اللَّهمَّ وَوَفِّقْ وَلِيَّ عَهْدِهِ الأَمِينَ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِناصِيَتِهِ لِلبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَاجْعَلِ اللَّهُمَّ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنّاً سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلادِ الْمُسْلِمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

الرقعي - قطاع المساجد - مبنى تدريب الأئمة والمؤذنين - الدور الثاني